تفسير قول الله تعالى: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ)
السؤال: أرجو من فضيلتكم أن تشرح قول الله تعالى: ((وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ))[محمد:38]؟
الجواب: معنى الآية: أنه ليس بين الله تعالى وبين أحد من خلقه نسب، فالله سبحانه جعل هذا الدين لمن قام به، ولكل من قام بأمره، ولكل من اعتصم بحبله، فإنه يأخذ حظه من العزة والخير ومن الفوز برضا الله وجنته، كائناً من كان، فإن تولى قوم عن ذكر الله وعن طاعته فإنه لا يشفع لهم أن منهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو أنهم ذو أنساب عالية أو أمجاد سابقة، لا يشفع لهم شيء من ذلك، كما قال الله لإبراهيم: ((وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ))[البقرة:124] فهو يريد أن تدخل ذريته معه، فأخبره أن عهده لا يناله الظالمون، فمن تولَّى فإن الله يستبدل قوماً غيرهم، ولو تولى العرب عن إقامة الدين لنصره الله تعالى بالعجم، فعندما انغمس العرب في الملذات والشهوات في أيام الدولة الأموية ثم العباسية وتركوا القيام بأمر الدين، جاء الأتراك ورفعوا راية الجهاد، ومن بعدهم السلاجقة وغيرهما.
فدائماً إن تولت أي أمة، أو منطقة، أو أي إنسان، أو حكومة أو أي دولة أو أي مجتمع، من يتولى ويخل بأمر الدعوة إلى الله، فإن الله يستبدل به قوماً غيرهم يقومون بأمره: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))[المائدة:54].